النائبة الثانية لرئيس مجلس النواب المغربي: نراهن على جبهة داخلية متماسكة وحكومة منسجمة

الرباط ـ «القدس العربي»: دعت البرلمانية خديجة الزومي، النائب الثاني لرئيس مجلس النواب المغربي، الأحزاب إلى تجويد عروضها وخطاباتها السياسية ووعودها الانتخابية من أجل استعادة ثقة المواطنين والتفاعل مع قضاياهم، لاسيما في ظل عودة الاحتجاجات على خلفيات ملفات منها التعليم. وأشارت هذه السياسية المنتمية إلى حزب الاستقلال المشارك في الائتلاف الحكومي، في حوار لـ “القدس العربي”، إلى أن الحركة النسائية المغربية مازالت مطالبة بالمزيد من النضال من أجل مساواة ومناصفة حقيقية وتجسيد مفهوم المرأة المناضلة.
كيف تحققون التوازن في الأغلبية البرلمانية بين مساندة الحكومة التي يعدّ حزب “الاستقلال” عضواً فيها، والتفاعل مع قضايا المواطنين وانتظاراتهم؟
كل حزب مشارك في الحكومة يحاول أن يخلق توازناً بين الإكراهات التي تواجهها الحكومة والبرنامج الحكومي، بالتفاعل مع قضايا الشعب؛ لأنه في نظري ليس هنا تعارض أو تصادم، بقدر ما هو محاولة خلق تكامل، إذ لا يمكن أن نحقق طموح الشعب إلا عبر التفاعل مع قضاياه، وذلك عبر الوجود في الحكومة.
ونحن سنحاول أن نلعب هذا الدور التوازني بين إكراهات الحكومة والآليات المتوفرة لديها، وكذلك القضايا المجتمعية ذات الأولوية، علماً بأن حزب الاستقلال كان دائماً يدافع عن الطبقات الهشة والفئات المتوسطة، كما يدافع عن ضرورة وجود الدولة الاجتماعية. وحين كان حزب الاستقلال يقود الحكومة في 2007 فقد كان البرنامج كله يدور حول القضايا المجتمعية ومشاكل الطبقة الشغيلة، حيث إن ما صُرف آنذاك على ملف الحوار الاجتماعي لم يصرف منذ سنوات كثيرة. لذا، فحزب الاستقلال لن يتخلى عن دفاعه عن القضايا المجتمعية، بل سيستمر جاعلاً الحكومة كلها تتفاعل مع هذه القضايا.
رفعتم مجموعة من الشعارات خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، إلى أي حد تسعون لتجسيدها عملياً في البرنامج الحكومي؟
طبعاً، حملنا ككل الفرقاء داخل الحكومة، مجموعة من الشعارات، فنادينا بـ”الإنصاف الآن”، كما نادى حزب التجمع الوطني للأحرار بـ”تستاهلوا الأحسن” وحزب الأصالة والمعاصرة بـ”لنتقدم الى الأمام”، إلى غير ذلك من الشعارات على المستوى الاجتماعي والصحي والتعليم، وعلى مستوى الملفات المطروحة على الساحة والشارع المغربيين. الكثير من الشعارات التي دافعنا عنها موجودة في البرنامج الحكومي، فحين نقول ندعم القدرة الشرائية، فدون شك نبقي على صندوق المقاصة الذي كانت الحكومة السابقة تنوي إلغاءه، وحافظنا على الدعم المرصود للسكر والدقيق والغاز، وهذا لم يكن متوقعاً لدى الحكومة الأخرى، حيث إن الحكومة الحالية هي التي أبقت على هذا الجزء من المقاصة، وهو حماية للقدرة الشرائية. وحين نقول إنه في سنة 2023 سوف تتوصل كل العائلات التي لديها أبناء في سنّ التعليم بتعويض عائلي لم يكن لديها من قبل، فهذا أيضاً دعم للقدرة الشرائية، وتفعيل ورش الحماية الاجتماعية يدخل في هذا الإطار.
وحين نقول التعويض عن فقدان الشغل، فكل هذه الإجراءات والآليات هي لتحسين القدرة الشرائية، وحزب الاستقلال كان يدافع ويسعى لإخراج مجموعة من الأسر والعائلات من الهشاشة.
ألا يمكن أن يكون هناك نوع من التعارض بين حزبكم الذي ينادي بالتعادلية وحزب التجمع الوطني للأحرار ذي التوجهات الليبرالية؟
ليس هناك تعارض بين منظورنا أو مرجعيتنا التي تمتح من التعادلية، وحزب آخر مرجعيته ليبرالية. فبين التعادلية والليبرالية لا بد من توليفة اجتماعية خاصة بالمغرب. إن المنطق الليبرالي الموجود في دول أخرى ليس لزاماً أن يكون هو الموجود في المغرب؛ فخصوصية الاقتصاد المغربي يجب استحضارها، وكذلك تعددية الرأي داخل الحكومة شيء جيد، لأن ذلك يحقق التوازن والتلاقي في الأفكار، ولكن الشيء الذي سيتحكم هو مصلحة البلد والوطن أولاً وأخيراً. لا يمكن أن يزايد فيها لا ليبرالي ولا تعادلي. الآن، نعرف أننا نحتاج إلى جبهة داخلية متماسكة وإلى حكومة منسجمة بخطاب قوي من أجل إرجاع نوع من الثقة في الحقل السياسي.
بكونك رئيسة لمنظمة المرأة الاستقلالية، كيف يمكن لمطالب الحركة النسائية في المغرب أن تجد تجسيدها على أرض الواقع في المدى القريب؟
فيما يخص الحركة النسائية ونضالاتها ومكتسباتها فالطريق ما زال طويلاً وشائكاً، وهناك إكراهات موضوعية وذاتية، منها المرئي وغيره. ولكن يبدو أن الحركة النسائية المغربية مازالت مطالبة بمزيد من النضال من أجل مساواة ومناصفة حقيقية، ومن أجل إرجاع الثقة لمفهوم المناضلة، وكذلك لكي تكون هذه الاستحقاقات كلها نضالية. ورغم أننا نحقق مجموعة من المكتسبات، إلا أن هناك من يريد إخراجها عن إطارها الحقيقي، فنحن ندافع عن النساء وحضور النساء اللواتي يستحققن إدارة الشأن العام والحكومي، وندافع كذلك على المناضلات، فمنطق النضال يجب أن يحترم في هذه الاختبارات والمسارات.
ما السبيل إلى إعادة ثقة المواطنين عامة والشباب خاصة في العمل السياسي بالمغرب؟
في نظري، لإرجاع الثقة لدى الشباب والنساء يجب أن نعيد النظر في الخطاب السياسي أولاً، ونعيد صياغة الأسئلة الحقيقية داخل مجتمعنا ومحاولة الترافع عليها بشكل واضح، فازدواجية الخطاب هي التي تزعج، ومحاولة وضع خطاب توليفي بين هذا وذاك مزعجة أيضاً. وعلى السياسيات والسياسيين من جميع الأحزاب أن يعملوا على إرجاع الثقة من خلال خطابات سياسية واضحة بوعود قابلة للتنفيذ، ومن خلال نظرة واقعية لميزانية البلد وموارده، وللقدرات الهائلة التي يتوفر عليها، بحيث تجب رسملة الموارد البشرية في المغرب لأنها أساس التقدم، فبدونه لن يتحقق أي تقدم. إن منسوب الثقة إشراك الجميع في الفعل السياسي والوضوح في خطابه وبرامجه، مع تبني الواقعية في التعامل وجعل الكل ينخرط في النقاش، حتى ولو لم يكن يعرفه. هذه الثورة التي نعيشها في الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الآليات الجديدة جعلت الفعل السياسي ليس حكراً على أحد، والعملية السياسية أصبحت ملكية مشاعة والكل ينتقد.
صحيح أن النقد إيجابي بشكل كبير، لكن حتى الانتقاد يمكن أن يكون مهمازاً ومحركاً لتجويد العرض السياسي. إذن، فالأحزاب مطالبة بتجويد عروضها وخطاباتها السياسية ووعودها الانتخابية.